الحريق كشف هشاشة التصميم المركزي للشبكة الرقمية.. ونحتاج لمنظومة موزعة فوريا

شكرًا لكم على متابعة الحريق كشف هشاشة التصميم المركزي للشبكة الرقمية.. ونحتاج لمنظومة موزعة فوريا وللمزيد من التفاصيل

واجهت مصر واحدة من أخطر الأزمات وهي انهيار البنية التحتية الرقمية في مصر، حيث اندلع حريق هائل داخل سنترال رمسيس بوسط القاهرة، أحد أهم مراكز تشغيل خدمات الاتصالات في البلاد، ما أدى إلى توقف جزئي وكامل للإنترنت والمحمول والهاتف الأرضي في عدد من المحافظات، وتسبب في ارتباك واسع بعدد من القطاعات الحيوية.

الحريق الذي وقع ظهر الإثنين كشف عن نقاط ضعف في تصميم الشبكات واعتمادها على نموذج مركزي واحد للتشغيل، ما طرح تساؤلات كبيرة حول مدى استعداد الدولة لمواجهة الطوارئ الرقمية، وضرورة وضع خطة بديلة لحماية الأمن القومي المعلوماتي وخدمات الاتصالات الحيوية.

قال المهندس الاستشاري روماني رزق الله، رئيس الاتحاد الأفروآسيوي للذكاء الصناعي والحوكمة، إن توقف خدمات الاتصالات في مصر ليوم كامل ليس مجرد حادث عرضي، بل كشف خطير لهشاشة البنية التحتية الرقمية، وجرس إنذار يستدعي تحركًا استراتيجيًا فوريًا لإعادة هيكلة منظومة الاتصالات القومية.

وأكد رزق الله أن سنترال رمسيس يعد مركزًا حيويًا يربط بين الشبكات الأرضية وشبكات المحمول، ويضم مراكز بيانات رئيسية، ويدير نحو 40% من حركة الاتصالات المحلية والدولية، وبالتالي فإن أي خلل فيه ينعكس بشكل مباشر وشامل على المنظومة كلها.

الحريق أدى إلى انهيار كامل في الاتصال بين الشبكات

وأوضح أن الحريق الذي اندلع بالمبنى أدى إلى تلف أنظمة الكهرباء ولوحات التحكم ومحولات التيار وأجهزة الفايبر (الألياف الضوئية)، ما أثر على دوائر الربط الحيوية بين السنترالات، واضطرت فرق الطوارئ لفصل التيار الكهربائي بالكامل.

وأضاف روماني أنظمة الـ UPS لم تنجح في تعويض الانقطاع، مما أدى إلى فقدان جداول التوجيه، ونتج عن ذلك انهيار شامل للاتصال بين الشبكات، وليس مجرد عطل جزئي.

سنترال رمسيس يمثل “نقطة فشل واحدة” تهدد المنظومة بالكامل

وأشار رزق الله إلى أن الكارثة تعود في الأساس إلى الاعتماد على نموذج مركزي هش، موضحًا أن سنترال رمسيس يمثل ما يعرف فنيًا بـنقطة فشل واحدة ، وهي نقطة ضعف جوهرية تعني أن أي عطل فيه يؤدي إلى شلل كامل في النظام، بسبب غياب المصارات البديلة وخطط التحويل الفوري.

وقال المنظومة مصممة بشكل مركزي يجعلها شديدة الهشاشة، دون أي خطة توزيع أو بدائل جاهزة، ودون تحديث حقيقي للبنية التحتية أو تفعيل خطط الطوارئ.

الحل يبدأ من الشبكات الموزعة والاعتماد على الذكاء الاصطناعي

وأكد رئيس الاتحاد الأفروآسيوي للذكاء الصناعي أن تجاوز هذه الأزمة مستقبلاً يتطلب التحول إلى نموذج الشبكات الموزعة، من خلال توزيع البنية التحتية على مواقع متعددة بديلة، بما يضمن استمرار الخدمة في حال تعطل أحد المراكز.

وأوضح أن هذا النموذج يتيح وجود مسارات متعددة للاتصال وليس مسارًا واحدًا فقط، مع تفعيل النسخ الاحتياطي الفوري والتحويل التلقائي.

وشدد رزق الله على ضرورة الاستفادة من تقنيات الحوسبة السحابية لحفظ البيانات وتأمينها، إلى جانب تطبيق أدوات الذكاء الاصطناعي (AI) لرصد الأعطال المحتملة والتنبؤ بها قبل وقوعها، واتخاذ إجراءات وقائية لحماية البنية التحتية.

وأضاف التحول الرقمي لا يكتمل بدون نظام إنذار مبكر فعال، يراقب الأداء ويعطي إشارات تحذيرية عند حدوث أي خلل، هذه ليست رفاهية، بل ضرورة أمن قومي في ظل ما نواجهه من تحديات تقنية متصاعدة.

ما حدث فرصة لإعادة بناء منظومة الاتصالات من جديد

واختتم رزق الله تصريحاته قائلاً الأزمة لم تكن فقط نتيجة حريق، بل نتيجة تراكم إهمال تصميمي وضعف استثماري في البنية الرقمية، وما حدث يجب أن يكون دافعًا لإعادة بناء المنظومة وفق رؤية تكنولوجية حديثة تعتمد على المرونة، والتوزيع، والذكاء الاصطناعي، والتأمين الرقمي الشامل.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى